بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد وآله صلاة أهل السموات والأرضين عليه واجر يا رب لطفك الخفي في أموري
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
من رزق حلاوة المناجاة زال عنه النوم .
( من رزق حلاوة المناجاة زال عنه النوم) ، أي لأن مقام المناجاة هو مقام الحضرة والموالاة ،
فمن حظي بذلك المقام كيف ينام؟ وتحقيق المناجاة خصت به الأرواح الروحانية الغواصة
في البحور الوحدانية، خصت بذلك الأرواح دون الصور الجسدانية، لأن الصورة لا تناجي
بمناجاتها ، كما أن الروح لا تموت بمماتها ، لأن الروح قدسي ، والجسم أرضي ،
فلما صح أن الروح لا تموت كذلك يصح أن لا تنام بنومه خلافا للمعتزلة والفلاسفة
الذين يقولون إن الموت عدم محض ، وكذبوا برجوع الأرواح إلى الأجساد ،
ويوم الوعد والمعاد فذهب بهم قولهم إلى التكذيب بالجنة ذات النعيم ، والتكذيب بالنار ذات الجحيم
والكلام هنا يطول ، فإذا عرفت ذلك علمت أن الأرواح خلق الآخرة ، وهي في الدنيا في الأجناد
موجودة إنما أرواح مناجية مقدسة عالمة عاملة . وأما أرواح غافلة عاصية جاهلة مظلمة سوادية
النفس موسوسة ، فهذا حكمها في العالم اللطيف ومختلفاته في أنواره وظلماته .
وأما حكم عالم الأجساد ، فهي تأكل وتشرب وتنام وتجري عليها العوارض والموت والآلام .
وأما الأرواح القدسية ، فليس غذاؤها غذاء الجسدانية ، بل غذاؤها بالنور والذكر والحضور ،
وشرابها من جنة بدوام السرور ، كأنها في عليين في مقعد صدق لمناجاة أرحم الراحمين
لا يحجبها حجاب الطين ، ولا السموات ولا الأرضين ، ولا الحجب السبعين ،
بل هي ناضرة إلى ربها ناظرة . وأما الأرواح السوادية فغذاؤها من الزقوم وشرابها من الحميم ،
وهي محبوسة في سجين ، ونسأل الله السلامة والعافية ، ونعوذ بالله من خلق أهل النار ،
وأن يجعلنا بفضله وكرمه من المصطفين الأخيار ، في زمرة سيدنا محمد المختار ،
المخلدين في دار القرار ، وإتماما لذلك النعيم بالنظر إلى وجهه الكريم بلا حجاب
عن ذي العرش العظيم ، وبلا حصر وحدود لذات الرحمن الرحيم ، انتهى . وهو عجيب .
البيان والمزيد المشتمل على معاني التنزيه وحقائق التوحيد على أنس الوحيد ونزهة المريد ، لسيدي الغوث أبا مدين التلمساني تأليف الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد القادر باعشن.
لا تنسونا بدعائكم الصالح
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اللهم صل على سيدنا محمد وآله صلاة أهل السموات والأرضين عليه واجر يا رب لطفك الخفي في أموري
والحمد لله رب العالمين