بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى: الم * أَحَسِبَ النَّاسُ الآيتين 1 ، 2 .
قال الشعبي نـزلت في أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإسلام، فكتب إليهم أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم من المدينة أنه لا يقبل منكم إقرار ولا إسلام حتى تهاجروا، فخرجوا عامدين إلى المدينة فاتبعهم المشركون فآذوهم، فنـزلت فيهم هذه الآية وكتبوا إليهم أن قد نـزلت فيكم آية كذا وكذا، فقالوا: نخرج فإن اتبعنا أحد قاتلناه، فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم، فمنهم من قتل ومنهم من نجا، فأنـزل الله تعالى فيهم: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا الآية. وقال مقاتل نـزلت في مهجع مولى عمر بن الخطاب كان أول قتيل من المسلمين يوم بدر رماه عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم يومئذ: "سيد الشهداء مهجع، وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة"، فجزع عليه أبواه وامرأته، فأنـزل الله تعالى فيهم هذه الآية، وأخبر أنه لا بد لهم من البلاء والمشقة في ذات الله تعالى.
قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا الآية 8 .
قال المفسرون: نـزلت في سعد بن أبي وقاص وذلك أنه لما أسلم قالت له أُمه حمنة: يا سعد بلغني أنك صبوت فوالله لا يظلني سقف بيت من الضح والريح ولا آكل ولا أشرب حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وترجع إلى ما كنت عليه، وكان أحب ولدها إليها، فأبى سعد، فصبرت هي ثلاثة أيام لم تأكل ولم تشرب ولم تستظل بظل حتى غشي عليها، فأتى سعد النبيّ صلى الله عليه وسلم وشكا ذلك إليه، فأنـزل الله تعالى هذه الآية والتي في لقمان والأحقاف .
أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر الغازي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان قال: أخبرنا أبو يعلى قال: أخبرنا أبو خيثمة قال: أخبرنا الحسن بن موسى قال: أخبرنا زهير قال: أخبرنا سماك بن حرب قال: حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال: نـزلت هذه الآية في، قال: حلفت أم سعد لا تكلمه أبدًا حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب ومكثت ثلاثة أيام حتى غشي عليها من الجهد، فأنـزل الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا رواه مسلم عن أبي خيثمة.
قوله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي الآية 8 .
أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحافظ قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو يعلى قال: أخبرنا أحمد بن أيوب بن راشد الضبي قال: أخبرنا مسلمة بن علقمة قال: أخبرنا داود بن أبي هند عن أبي عثمان النهدي أن سعد بن مالك قال: أنـزلت في هذه الآية: وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا قال: كنت رجلا برًّا بأمي، فلما أسلمتُ قالت: يا سعد ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟ لتدعنّ دينك هذا أولا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي فيقال: يا قاتل أمه، قلت: لا تفعلي يا أمّاه فإني لا أدع ديني هذا لشيء، قال: فمكثتْ يومًا لا تأكل فأصبحت قد جهدت، قال: فمكثت يومًا آخر وليلة لا تأكل، فأصبحت قد اشتد جهدها، قال: فلما رأيت ذلك قلت: تعلمين والله يا أمه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا لشيء، إن شئت فكلي وان شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، فأنـزلت هذه الآية: وَإِنْ جَاهَدَاكَ الآية.
قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ 10 .
قال مجاهد: نـزلت في أناس كانوا يؤمنون بألسنتهم، فإذا أصابهم بلاء من الله ومصيبة في أنفسهم افتتنوا.
وقال الضحاك: نـزلت في أناس من المنافقين بمكة كانوا يؤمنون، فإذا أوذوا رجعوا إلى الشرك.
وقال عكرمة عن ابن عباس: نـزلت في المؤمنين الذين أخرجهم المشركون إلى بدر فارتدوا وهم الذين نـزلت فيهم: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ الآية.
قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا الآية 60 .
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد التميمي قال: أخبرنا أبو محمد بن حيان قال: أخبرنا أحمد بن جعفر الجمال قال: أخبرنا عبد الواحد بن محمد البجلي قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا الجرّاح بن منهال، عن الزهري -وهو عبد الرحمن بن عطاء- عن عطاء، عن ابن عمر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حتى دخل بعض حيطان الأنصار، فجعل يلقط من التمر ويأكل، فقال: "يا ابن عمر مالك لا تأكل؟" فقلت: لا أشتهيه يا رسول الله، فقال: "لكني أشتهيه، وهذه صبيحة رابعة ما ذقت طعامًا، ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يخبئون رزق سنتهم ويضعف اليقين؟" قال: فوالله ما برحنا حتى نـزلت: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ .